فصل: كِتَابُ الزَّكَاةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ لِخَبَرٍ فِيهِ) أَيْ فِي التَّلْقِينِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ مِنْ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فِي زَمَنِ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} وَأَحْوَجُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إلَى اللَّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) خَبَرٌ وَتَرْجِيحٌ إلَخْ.
(وَ) يُسَنُّ (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ) وَلَوْ كَانُوا بِغَيْرِ بَلَدِهِ إذْ الْعِبْرَةُ بِبَلَدِهِمْ وَلِأَقَارِبِهِ الْأَبَاعِدِ وَلَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ (تَهْيِئَةُ طَعَامٍ يُشْبِعُهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» (وَيُلِحُّ عَلَيْهِمْ فِي الْأَكْلِ) نَدْبًا لِأَنَّهُمْ قَدْ يَتْرُكُونَهُ حَيَاءً أَوْ لِفَرْطِ جَزَعٍ وَلَا بَأْسَ بِالْقَسَمِ إنْ عُلِمَ أَنَّهُمْ يَبِرُّونَهُ (وَيَحْرُمُ تَهْيِئَتُهُ لِلنَّائِحَاتِ) أَوْ لِنَائِحَةٍ وَاحِدَةٍ وَأُرِيدَ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ النَّادِبَةَ وَنَحْوَهَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ جَعْلِ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا لِيَدْعُوا النَّاسَ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَإِجَابَتِهِمْ لِذَلِكَ لِمَا صَحَّ عَنْ جَرِيرٍ كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصُنْعَهُمْ الطَّعَامَ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ وَوَجْهُ عَدِّهِ مِنْ النِّيَاحَةِ مَا فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْحُزْنِ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ لِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْمَيِّتِ لِيُقْصَدُوا بِالْعَزَاءِ قَالَ الْأَئِمَّةُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ وَأَخَذَ جَمْعٌ مِنْ هَذَا وَمِنْ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَكْرُوهِ وَبُطْلَانِهَا بِإِطْعَامِ الْمُعَزِّينَ لِكَرَاهَتِهِ لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْجُلُوسِ لِلتَّعْزِيَةِ وَزِيَادَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ نَعَمْ إنْ فُعِلَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُمْ يُطْعِمُونَ مَنْ حَضَرَهُمْ لَمْ يُكْرَهْ وَفِيهِ نَظَرٌ وَدَعْوَى ذَلِكَ التَّضَمُّنِ مَمْنُوعَةٌ وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَأَفْتَى بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِإِطْعَامِ الْمُعَزِّينَ وَأَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَبَالَغَ فَنَقَلَهُ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَعَلَيْهِ فَالتَّقْيِيدُ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فِي كَلَامِهِمْ لَعَلَّهُ لِلْأَفْضَلِ فَيُسَنُّ فِعْلُهُ لَهُمْ أَطْعِمُوا مَنْ حَضَرَهُمْ مِنْ الْمُعَزِّينَ أَمْ لَا أَمْرٌ مَا دَامُوا مُجْتَمَعِينَ وَمَشْغُولِينَ لَا لِشِدَّةِ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الْحُزْنِ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِي غَيْرِ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ أَنَّ أَهْلَ الْمَيِّتِ يَعْمَلُ لَهُمْ مِثْلَ مَا عَمِلُوهُ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّ هَذَا حِينَئِذٍ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي النُّقُوطِ فَمَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَهُمْ يَفْعَلُهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَحِينَئِذٍ لَا تَتَأَتَّى هُنَا كَرَاهَتُهُ وَلَا يَحِلُّ فِعْلُ مَا لِلنَّائِحَاتِ أَوْ الْمُعَزِّينَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ وَلَا غَائِبٌ وَإِلَّا أَثِمُوا وَضَمِنُوا وَالذَّبْحُ عَلَى الْقَبْرِ قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ صَنِيعِ الْجَاهِلِيَّةِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَيْضًا.
الشَّرْحُ:
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ) أَيْ وَلَوْ أَجَانِبَ وَلِمَعَارِفِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا جِيرَانًا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانُوا) إلَى قَوْلِهِ وَوَجْهُ عَدِّهِ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانُوا إلَخْ) أَيْ أَهْلُ الْمَيِّتِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشِبَعِهِمْ) أَيْ أَهْلِهِ الْأَقَارِبِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالتَّعْبِيرُ بِالْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَاضِحٌ إذَا مَاتَ فِي أَوَائِلِ الْيَوْمِ فَلَوْ مَاتَ فِي أَوَاخِرِهِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَضُمَّ إلَى ذَلِكَ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا لَاسِيَّمَا إذَا تَأَخَّرَ الدَّفْنُ عَنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ مَا يَشْغَلُهُمْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمُّهُ شَاذًّا يُعَابُ.
(قَوْلُهُ يَبَرُّونَهُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ مُضَارِعُ بَرَّ وَبِالْكَسْرِ ع ش.
(قَوْلُهُ وَنَحْوَهَا) أَيْ كَالْمُرْثِي.
(قَوْلُهُ مِنْ جَعْلِ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ نِهَايَةٌ وَمِنْهُ الْمَشْهُورُ بِالْوَحْشَةِ وَالْجُمَعِ الْمَعْلُومَةِ أَيْضًا ع ش.
(قَوْلُهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا بِدْعَةٌ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ بَلْ تَحْرُمُ الْوَحْشَةُ الْمَعْرُوفَةُ وَإِخْرَاجُ الْكَفَّارَةِ وَصُنْعُ الْجُمَعِ وَالسَّبْحِ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِذَلِكَ وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَصُنْعُهُمْ) فِي أَصْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ صَنِيعَهُمْ بِالْيَاءِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَكَذَلِكَ فِي الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَصُنْعُهُمْ بِلَا بَاءٍ.
(قَوْلُهُ وَوَجْهُ عَدِّهِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ مَا فِيهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مِنْ هَذَا) أَيْ مِنْ كَرَاهَةِ اجْتِمَاعِ أَهْلِ الْمَيِّتِ إلَخْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ مِنْ كَرَاهَةِ مَا اُعْتِيدَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مُتَضَمِّنٌ لِلْجُلُوسِ إلَخْ) أَيْ الْمَكْرُوهِ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِالْبُطْلَانِ (صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ) اعْتَمَدَهُ فِي الْإِيعَابِ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْعُبَابِ وَصَنْعَتُهُ لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ مَا نَصُّهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَرَاهَتِهِ عَدَمُ نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ بِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ فِي بَابِهَا وَتَبِعَهُ الْغَزِّيِّ وَغَيْرُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ إنْ فُعِلَ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ) أَيْ فَعَلَهُ نَحْوُ جِيرَانِ أَهْلِ الْمَيِّتِ لَهُمْ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي مَأْخُوذِ الْجَمْعِ نَظَرٌ كُرْدِيٌّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ فَعَلَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَأَفْتَى إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْمُخَالَفَةِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْإِفْتَاءِ الْمَذْكُورِ هَذَا ظَاهِرُ صَنِيعِهِ لَكِنْ لَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ وَجْهُ تَفْرِيعِ مَا بَعْدَهُ عَلَى الْإِفْتَاءِ الْمَذْكُورِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ فَعَلَ إلَخْ وَهُوَ الْأَقْرَبُ مَعْنًى.
(قَوْلُهُ فَالتَّقْيِيدُ إلَخْ) أَيْ الْمَارُّ فِي الْمَتْنِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَيُسَنُّ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ تَهْيِئَةُ الطَّعَامِ سُنَّةً مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ أَطْعَمُوا الْمُعَزِّينَ أَمْ لَا فَيُسَنُّ فِعْلُهُ مِنْ الْجِيرَانِ وَالْأَقَارِبِ الْبَعِيدَةِ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ أَطْعِمُوا إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ) فِي كَرَاهَةِ صُنْعِ الطَّعَامِ لِلْحَاضِرِينَ.
(قَوْلُهُ يُعْمَلُ لَهُمْ مِثْلُ مَا عَمِلُوهُ إلَخْ) أَيْ يَعْمَلُ غَيْرُ أَهْلِ الْمَيِّتِ لَهُمْ مِنْ الطَّعَامِ مِثْلَ مَا عَمِلَ أَهْلُ الْمَيِّتِ لَهُ فِي مُصِيبَتِهِ عَلَى قَصْدِ أَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ يَعْمَلُ لَهُمْ مِثْلَهُ فِي مُصِيبَتِهِمْ فَيَكُونُ كَالدَّيْنِ عَلَيْهِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ الْخِلَافُ الْآتِي) أَيْ فِي فَصْلِ الْإِقْرَاضِ (فِي النُّقُوطِ) مِنْ أَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ قَرْضٌ وَالنُّقُوطُ هُوَ مَا يُجْمَعُ مِنْ الْمَتَاعِ وَغَيْرِهِ فِي الْأَفْرَاحِ لِصَاحِبِ الْفَرَحِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَمَنْ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ مِنْ نَحْوِ جِيرَانِ أَهْلِ الْمَيِّتِ و(قَوْلُهُ لَهُمْ) أَيْ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَأْخُوذُ الْجَمْعِ قَالَهُ الْكُرْدِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ الِاعْتِيَادُ السَّابِقُ مِنْ جَعْلِ أَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا إلَخْ فَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا اُعْتِيدَ الْآنَ أَنَّ أَهْلَ الْمَيِّتِ يَعْمَلُ لَهُمْ إلَخْ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْكُرْدِيُّ فَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا مَرَّ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَدَعْوَى ذَلِكَ التَّضَمُّنِ مَمْنُوعَةٌ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا أَثِمُوا إلَخْ) أَيْ الْفَاعِلُونَ لِلطَّعَامِ لِلنَّائِحَاتِ أَوْ الْمُعَزِّينَ.
(فَائِدَةٌ):
وَرَدَ أَنَّ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَتَهَا أَمِنَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ إنْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ إذْ مِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ شَيْخُنَا يُسْأَلُ مَنْ مَاتَ بِرَمَضَانَ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفِتْنَةَ غَيْرُ السُّؤَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْفِتْنَةَ غَيْرُ السُّؤَالِ سم عِبَارَةُ الْإِيعَابِ فِي شَرْحِ وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِتْنَةِ هُنَا غَيْرُ حَقِيقَتِهَا لِاسْتِحَالَتِهَا فِيمَنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَلْ نَحْوُ التَّلَجْلُجِ فِي الْجَوَابِ أَوْ عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَيْهِ أَوْ مَجِيءِ الْمَلَكَيْنِ عَلَى صُورَةٍ غَيْرِ حَسَنَةِ الْمَنْظَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ إلَخْ).
(خَاتِمَةٌ) صَحَّ أَنَّ مَوْتَ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ أَيْ غَضَبٍ وَرُوِيَ «أَنَّهُ اسْتَعَاذَ مِنْ مَوْتِ الْفَجْأَةِ» وَرَوَى الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي السَّكَنِ الْهَجَرِيِّ أَنَّ إبْرَاهِيمَ وَدَاوُد وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَاتُوا فَجْأَةً وَيُقَالُ إنَّهُ مَوْتُ الصَّالِحِينَ وَحَمَلَ الْجُمْهُورُ الْأَوَّلَ عَلَى مَنْ لَهُ تَعَلُّقَاتٌ يَحْتَاجُ إلَى الْإِيصَاءِ وَالتَّوْبَةِ أَمَّا الْمُسْتَيْقِظُونَ الْمُسْتَعِدُّونَ فَإِنَّهُ تَخْفِيفٌ وَرِفْقٌ بِهِمْ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ أَنَّ مَوْتَ الْفَجْأَةِ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ وَأَخْذَةُ غَضَبٍ لِلْفَاجِرِ مُغْنِي وَفِي الْعُبَابِ مَا يُوَافِقُهُ.

.كِتَابُ الزَّكَاةِ:

هِيَ لُغَةً: التَّطْهِيرُ وَالْإِصْلَاحُ وَالنَّمَاءُ وَالْمَدْحُ، وَشَرْعًا: اسْمٌ لِمَا يَخْرُجُ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَنٍ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُجُودِ تِلْكَ الْمَعَانِي كُلِّهَا فِيهِ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا الْكِتَابُ نَحْوُ: {وَآتُوا الزَّكَاةَ}، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا مُجْمَلَةٌ لَا عَامَّةٌ، وَلَا مُطْلَقَةٌ وَيُشْكِلُ عَلَيْهَا آيَةُ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأَظْهَرَ فِيهَا مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ أَنَّهَا عَامَّةٌ مَخْصُوصَةٌ مَعَ اسْتِوَاءِ كُلٍّ مِنْ الْآيَتَيْنِ لَفْظًا؛ إذْ كُلٌّ مُفْرَدٌ مُشْتَقٌّ وَاقْتَرَنَا بِأَلْ فَتَرْجِيحُ عُمُومِ تِلْكَ وَإِجْمَالِ هَذِهِ دَقِيقٌ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ حِلَّ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ الْآيَةِ مُوَافِقٌ لِأَصْلِ الْحِلِّ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مُتَمَحِّضَةً فَمَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ، وَمَا لَمْ يُحَرِّمْهُ مُوَافِقٌ لَهُ فَعَلِمْنَا بِهِ وَمَعَ هَذَيْنِ يَتَعَذَّرُ الْقَوْلُ بِالْإِجْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَالْحِلُّ قَدْ عُلِمَتْ دَلَالَتُهُ مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ فِيهَا فَوَجَبَ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ الْعَامِّ الْمَعْمُولِ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ الْمُخَصِّصِ لِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَاهُ، وَأَمَّا إيجَابُ الزَّكَاةِ الَّذِي هُوَ مَنْطُوقُ اللَّفْظِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ لِتَضَمُّنِهِ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِهِ قَبْلَ وُرُودِ بَيَانِهِ مَعَ إجْمَالِهِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُجْمَلِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ فِيهِمَا أَحَادِيثُ الْبَابَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَنَى بِأَحَادِيثِ الْبُيُوعَاتِ الْفَاسِدَةِ الرِّبَا وَغَيْرِهِ فَأَكْثَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ لِبَيَانِهَا لِكَوْنِهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَا بِبَيَانِ الْبُيُوعَاتِ الصَّحِيحَةِ اكْتِفَاءً بِالْعَمَلِ فِيهَا بِالْأَصْلِ، وَفِي الزَّكَاةِ عَكَسَ ذَلِكَ فَاعْتَنَى بِبَيَانِ مَا تَجِبُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْأَصْلِ فَيُحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِ لَا بِبَيَانِ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ اكْتِفَاءً بِأَصْلِ عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَمِنْ ثَمَّ طُولِبَ مَنْ ادَّعَى الزَّكَاةَ فِي نَحْوِ خَيْلٍ وَرَقِيقٍ بِالدَّلِيلِ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ بَلْ هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَمَنْ أَنْكَرَ أَصْلَهَا كَفَرَ، وَكَذَا بَعْضُ جُزْئِيَّاتِهَا الضَّرُورِيَّةِ وَفُرِضَتْ زَكَاةُ الْمَالِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ بَعْدَ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَوَجَبَتْ فِي ثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ مِنْ الْمَالِ النَّقْدَيْنِ وَالْأَنْعَامِ وَالْقُوتِ وَالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ لِثَمَانِيَةِ أَصْنَافٍ مِنْ النَّاسِ يَأْتِي بَيَانُهُمْ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ (بَابُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ) أَيْ بَعْضِهِ وَبَدَأَ بِهِ وَبِالْإِبِلِ مِنْهُ اقْتِدَاءً بِكِتَابِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِأَنَّهُ أَكْثَرُ أَمْوَالِ الْعَرَبِ.
تَنْبِيهٌ:
أَبْدَلَ شَيْخُنَا الْحَيَوَانَ بِالْمَاشِيَةِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ النَّعَمِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ حُكْمًا وَإِبْدَالًا فَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ أَنَّهَا الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ، وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ النَّعَمِ أَوْ مُسَاوِيَةٌ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمَتْنِ الْآتِي إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ وَقَوْلُهُ: وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ شَرْطَانِ إلَى آخِرِهِ (إنَّمَا تَجِبُ) مِنْهُ (فِي النَّعَمِ) وَجَمْعُهُ أَنْعَامٌ وَجَمْعُهُ أَنَاعِمُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ إنْعَامِ اللَّهِ فِيهَا (وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ) الْأَهْلِيَّةُ (وَالْغَنَمُ) وَتَقْيِيدُهَا بِالْأَهْلِيَّةِ أَيْضًا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظِّبَاءَ إنَّمَا تُسَمَّى شِيَاهَ الْبَرِّ لَا غَنَمَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الْوَصِيَّةِ وَبِفَرْضِ أَنَّهَا تُسَمَّاهُ فَهُوَ لَمْ يَشْتَهِرْ أَصْلًا فَلَا يَحْتَاجُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْهُ (لَا الْخَيْلُ وَالرَّقِيقُ) وَغَيْرُهُمَا لِغَيْرِ تِجَارَةٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ، وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ» (وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْ) مَا تَجِبُ فِيهِ، وَمَا لَا تَجِبُ فِيهِ كَالْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ بَقَرٍ أَهْلِيٍّ وَبَقَرٍ وَحْشِيٍّ وَبَيْنَ (غَنَمٍ وَظِبَاءٍ) بِالْمَدِّ جَمْعُ ظَبْيٍ وَيَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى بَقَرًا، وَلَا غَنَمًا وَإِنَّمَا لَزِمَ الْمُحْرِمَ جَزَاؤُهُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ أَمَّا مُتَوَلِّدٌ مِمَّا تَجِبُ فِيهِمَا كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ أَهْلِيٍّ فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَتُعْتَبَرُ بِأَخَفِّهِمَا عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدَدِ لَا لِلسِّنِّ كَأَرْبَعِينَ مُتَوَلِّدَةً بَيْنَ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ فَتُعْتَبَرُ بِالْأَكْثَرِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.